ضم إلى رواية أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو التي أخرجها أبو داود وحسنها المنذري))
ففي هذا الكلام المتين أربع فوائد:
الأولى: أن الاختلاف في اسم الصحابي لا يضر، فقوله: ((على التقديرين)) أي: على تقدير أنه الأنصاري، أو على تقدير أنه الأنماري.
الثانية: أن السند المشار إليه، وهو حديث الأنصاري حسن لذاته في أقل الأحوال.
الثالثة: أنه موافق للطرق الأخرى فهو غير شاذ ولا منكر.
الرابعة: إقراره تحسين المنذري لرواية أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو.
المؤاخذة الثالثة: عدم ضبط عباراته، وصفه الثقة بالصدق
إن كافة رجال السند ثقات، بل هم من رجال الشيخين إلا عروة وهو ثقة أيضًا، فأي معنى لقوله: ((فيها من وصف بالصدق.
قال صاحب ((التوضيح)):
((وهذه الطرق فيها من وصف بالصدق))
قلت: ثم هي طريق واحدة، وليست طرقاً! وقد وصِفوا كلهم بـ ((الثقة)) بما نقله هو نفسه عن الأئمة.
ثم لا يضر الراوي وصفه بالصدق من بعض أهل النقد، مع وصفه بالثقة من آخرين، ولا ينزل هذا من منزلته، ولا يحط من قدره؛ بخاصة إذا كان الواصفون له بالثقة أعلى درجة من أولئك وأكثر.
ألا يكفي أن يصف النسائي عروة بالثقة، ولا مطعن عليه من أحد؟
المؤاخذة الرابعة: دعواه أن أهل الصدق لا يحتج بحديثهم
إن قواعد مصطلح الحديث تشهد أن هذه الطريق صحيحة السند لأن رواتها موثقون، وقد وصف بعضهم بالصدق مع وصفه بالثقة، فادعى صاحب ((التوضيح)) أن من وصف بالصدق لا يحتج بحديثهم ((ولكن يكتب حديثهم للاعتبار)).
قلت: هب أننا سلّمنا جدلاً أن فيها رجلاً وصف بالصدق دون وصفه بالثقة، فإن السند لا ينزل بحال عن درجة الحسن.
ولذلك صرّح الحافظ - وهو الذي أطلق صفة الصدق عليه - بحسن إسناده!