تقوّيه))
قلت: هذا كلام في ظاهره متناقض! وقد حاول بعض الإخوة أن يثبتوا: أن تحسينه للحديث كان أولاً، ثم كان تضعيفه؛ وذلك من ناحية زمن كتابة النصين.
والواقع: لا يسلم لهم هذا، وإن جهدوا في إثباته؛ لأن كثيراً من المؤلفين يكتب الكتاب ثم يعدّل فيه بعد عشرات السنين، كما هو حال من عاين ذلك.
من أمعن النظر في النصين، أدرك من الناحية العلمية، أن التضعيف كان أولاً، ثم كان منه التحسين، وذلك أن النص الأول تضمن:
أولاً: إقراراً بالتحسين ((يقرب من شرط الحسن))
ثانيًا: شذوذه لشدة الفردية فيه.
ثالثًا: إنعدام المتابع والشاهد من وجه معتبر.
فما دام أن الحافظ قد أقرّ بالتحسين فلنبحث مسألة الشذوذ والمتابع والشاهد.
أما الشذوذ فتعريفه: مخالفة الراوي الثقة لمن هو أوثق منه أو لمن هم أكثر عدداً.
وهذا منتف هاهنا تماماً، فإن حديث ابن عباس لم يخالَف في سنده ولا في متنه، وإلا فمن هم المخالفون .. ؟ ؟
وأما دعواه: شدة الفردية، وانعدام الشاهد والمتابع، فمردود بتلك الروايات المتوافرة وبشهادة أهل هذا الفن؛ بل بشهادة الحافظ نفسه في ((نتائج الأفكار)): ((فإن له شواهد تقوّيه))
فهذا إثبات، والآخر نفي، والإثبات مقدم على النفي كما هو معلوم.
ثم إن قوله: ((لشدة الفردية فيه)) غريب! !
إذ كيف يكون هذا، وهناك أكثر من عشرة أسانيد ... معظمها حسنة أو قريبة من الحسن، فأين الفردية؟
بل إن الحافظ نفسه قد أورد في ((أماليه)) المسماة بـ ((نتائج الأفكار)) أكثر من عشرين طريقًا، ما بين معتبر وغير معتبر .. فلتراجع، فإن مما قال فيها (نقلاً عن