ويؤيد هذا المعنى؛ ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعليمه دعاء النوم، وأمره بالالتزام بنص الدعاء، ويأتي تفصيل الجواب في باب هل يلتزم بالدعاء.
قوله: ((إذا هم أحدكم بالأمر)): أي إذا خطر الأمر بباله، ثم عزم عليه، أو إذا عُرض عليه، ثم نوى فعله، أو عرض له عارض لا يدري مخرجه.
قوله: ((اللهم إني أستخيرك بعلمك)):
أي أطلب إليك أن تختار لي ما هو خير لي.
وأستعين على حاجتي هذه، وأتوسل إليك بعلمك، الذي لا يعزب عنه شيء في الأرض ولا في السماء.
والاستعانة بعلم الله الذي هو صفة من صفاته سبحانه، والتوسل إليه بها، من أنسب الاستعانة وأجلها في هذا المقام، لأن حاجة المستخير متعلقة بالغيب، والغيب من علم الله، لذا كانت صفة علم الله الذي وسع كل شيء، وأحاط بكل شيء، هي الصفة المناسبة للاستعانة بها، والتوسل إلى الله تعالى بها.
قوله: ((وأستقدرك بقدرتك)):
أي: أطلب منك العون على ما تقدره لي، وأتوسل إليك بقدرتك، وما يقال في التوسل بصفة العلم، يقال هنا بصفة القدرة .. فإن أمر الله وفعله سبحانه لا يكون إلا بعلم وقدرة، ولذلك ناسب بعد توسله إليه بالعلم، أن يتوسل إليه بالقدرة.
والاستقدار بالقدرة، والاستخارة بالعلم، يتضمن الاستعانة والتوسل وهما من أجل أنواع الاستعانة والتوسل المشروعين، والله أعلم.
قوله: ((وأسألك من فضلك العظيم)):
بعد أن استشفع بصفة العلم، وتوسل إليه بصفة القدرة، ناسب أن يسأله من فضله الذي لا ينفد، وكرمه الذي لا يحجب.
أي أنت الذي يعلم ما غاب من الخير والشر، وأنا جاهل ذلك لا أعلمه، فاختر لي الخير بعلمك، ويسره لي بقدرتك، وبارك لي فيه بفضلك.
فلا أحد يعلم الغيب غيره، إلا بإذن منه سبحانه.
والإذن إذنان:
إذن عن طريق الوحي والكلام، وهو خاص بالرسل والأنبياء.
قال تعالى: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا إلا من ارتضى من رسول فإنه