هذه إشارة إلى أنهم يقدّمون المدافعة بجنن الرأي والسياسة قبل المدافعة بجنن السلاح والبزّة لّما كان الحزم والتدبير وصحّة النظر في الأمور إنما تكون بالعقل والقلب هو الذي يعقل به كما قال الله سبحانه:" أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها " وقد بيّن هذا المعنى ابن نباتة بقوله:
لبسوا القلوب على الدروع حزامة ... منهم فليس تقلّم الأظفار
وقال أبو تمام:
من كل أروع ترتاح المنون له ... إذا تجرّد لا نكس ولا جحد
إذا رأوا للمنايا عارضاً لبسوا ... من اليقين دروعاً مالها زرد
فاليقين هنا بإزاء الحزامة في قول ابن نباتة والرأي هو المقدّم في الحروب كما قال أبو الطيّب:
الرأي قبل شجاعة الشجعان ... هو أوّل وهي المحلّ الثاني
فإذا هما اجتمعا لنفس مرّة ... بلغت من العلياء كلّ مكان
وقول ابن نباتة:
فليس تقلّم الأظفار
يعني لا يفلّ لهم حدّ ولا تخضد لهم شوكة كما قال الذبياني:
وبنو فزارة لا محالة أنهم ... آتوك غير مقلّمي الأظفار