للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قل للمهلّب إن نابتك نائبة ... فادع الأشاقر وانهض بالجراميز

وكعب فارس شاعر خطيب معدود في جلّة أصحاب المهلّب والمذكورين في حروب الأزارقة يكنى أبا مالك. وروى العتبي أنه لما وفد هذه الوفادة على الحجاج استفتح القول بإنشاده قصيدته التي أوّلها:

يا حفص إنّي عداني عنكم السفر ... وقد سهرت فأردي عيني السهر

ومرّ في القصيدة يذكر وقائعهم مع المهلّب حتى انتهى إلى قوله:

خبوا كمينهم بالسفح إذ نزلوا ... بكازرون فما عزّوا ولا نصروا

باتت كتائبنا تردي مسلّمة ... حول المهلّب حتى نوّر القمر

هناك ولّوا خزايا بعدما هزموا ... وحال دونهم الأنهار والجدر

تأبى علينا حزازات النفوس فما ... نبقى عليهم ولا يبقون إن قدروا

قال فضحك الحجّاج له وقال: إنك لمنصف يا كعب، أخطيب أنت أم شاعر؟ قال شاعر خطيب، فسأله كيف كان محاربة المهلّب للقوم، وساق الحديث إلى آخره بمعناه. قال ثم قال: كيف كان بنو المهلّب؟ قال حماة الحريم نهاراً، وفرسان الليل تيقّظاً. قال: فأين السماع من العيان؟ قال: السماع دون العيان، قال صفهم رجلاً رجلاً، قال: المغيرة فارسهم وسيّدهم نار ذاكية، وصعدة عالية. وكفى بيزيد فارساً شجاعاً ليث غاب، وبحر جمّ العباب. وجوادهم قبيصة ليث المغار، وحامي الذمار. ولا يستحي البطل أن يفرّ من مدرك، وكيف لا يفرّ من الموت الحاضر، والأسد الخادر، وعبد الملك سمّ ناقع، وسيف قاطع. وحبيب موت ذعاف إنما هو طود شامخ، وعزّ باذخ. وكفاك بالمفضّل نجدة ليث هرّار، وبحر موّار. ومحمد ليث غاب، وحسام ضراب. قال: فأيّهم أفضل؟ قال: هم كالحلقة المفرغة لا يعرف

<<  <  ج: ص:  >  >>