• ومنهم: الكرامية في دعواها أن الله تعالى جسم له حَدٌّ ونهاية، وأنه محل الحوادث، وأنه مماسٌّ لعرشه، فهؤلاء مشبهة لله تعالى بخلقه في ذاته.
• فأما المشبهة لصفاته بصفات المخلوقين فأصناف:
• منهم: الذين شبهوا إرادة الله تعالى بإرادة خَلْقه، وهذا قولُ المعتزلة البصرية، الذين زعموا أن الله تعالى عز وجل يريد مُرَاده بإرادة حادثة، وزعموا أن إرادته من جنس إرادتنا، ثم ناقضوا هذه الدعوى بأن قالوا: يجوز حدوث إرادة الله عز وجل لا في محل، ولا يصح حدوث إرادتنا إلا في محل، وهذا ينقض قولهم: إن إرادته من جنس إرادتنا؛ لأن الشيئين إذا كانا متماثلين ومن جنس واحد؛ جاز على كل واحد منهما ما يجوز على الآخر، واستحال من كل واحد منهما ما يستحيل على الآخر.
وزادت الكرامية على المعتزلة البصرية في تشبيه إرادة الله تعالى بإرادة عباده، وزعموا أن إرادته من جنس إرادتنا، وأنها حادثة فيه كما تحدث إرادتنا فينا، وزعموا - لأجل ذلك - أن الله تعالى محل للحوادث، تعالى عن ذلك علواً كبيراً.
• ومنهم: الذين شبهوا كلام الله عز وجل بكلام خلقة، فزعموا أن كلام الله تعالى أصوات وحروف من جنس الأصوات والحروف المنسوبة إلى العباد، وقالوا بحدوث كلامه، وأحال جمهورهم - سوى الجُبَّائى - بقاء كلام الله تعالى، وقال النظام منهم: ليس في نَظْم كلام الله سبحانه إعجاز، كما ليس في نظم كلام العباد إعجاز، وزعم الأكثر المعتزلة أن الزنج، والترك، والخزر، قادرون على الإتيان بمثل نَظْم القرآن وبما هو أفصح منه، وإنما عدموا العلم بتأليف نظمه، وذلك العلم مما يصح أن يكون مقدوراً لهم.