قال الإمام يحيى: فبغداد والبصرة والكوفة سهلين فتكون الرؤية في أحدهما رؤية للآخر، والعراق والحجاز وخراسان وجبلان وديلمان كلها جبلية يختلف فيها المطالع والمغارب فلا تكون الرؤية فيها للغير.
ويدل الحديث على أن مَنْ انْفَرَدَ بالرؤية يلزمه الإفطار والصوم، وقد ذهب إلى هذا العترةُ جميعًا، والأئمة الأربعة في الصوم، واختلفوا في الإفطار فقال الشافعي: يفطر ويخفيه، وقال الأكثر: يستمر صائمًا احتياطًا. [ويدل عليه حديث كريب (١)، فإنه قال لابن عباس: أولًا تكتفي -شك أحد رواته في أنه بالخطاب لابن عباس الجمع للمتكلم والمخاطب- فقال له ابن عباس: لا. فأمره بالبقاء على الإمساك حتى يعيّد أهل بلده] (أ).
وقوله:"فإِن غُمَّ": يغم بضم المعجمة وتشديد الميم، أي حال بينه وبينكم غيم، يقال غممت الشيء إذا غطيته، ووقع في رواية أبي هريرة (٢) بلفظ: غم وأغمي وغبي من الغباوة وهو عدم الفطنة استعارة لخفاء الهلال.
ونقل ابنُ العربي (٣) أنه روي عمي بالعين المهملة من العمى، قال: وهو بمعناه لأنه ذهاب البصر عن المشاهدات، أو ذهاب البصر عن المعقولات.
وقوله:"فاقدروا له": أي قدروا عدد الشهر ثلاثين يومًا، والمعنى: أفطروا يوم الثلاثين واحسبوه تمام الشهر الأول، وهذا تفسير مالك وأبي حنيفة والشافعي، وهو بصيغة الأمر بوصل الهمزة وكسر الدال وضمها، وقال المطرزي: الضم خطأ، وهذا التأويل ترجحه الروايات الأخر المصرحة