- صلى الله عليه وسلم - في شرع الأحكام (*)، وقد ذهب إليه ابن السمعاني، وهو أحد قولي الشافعي، قالوا: وهو مختص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وقال الإمام يحيى: إنه يجوز للنبي وللمجتهد دون غيرهما، وتوقف في وقوعه وذهب موسى بن عمران من المعتزلة إلى جوازه، ووقوعه مطلقًا في حق النبي وغيره وظاهره ولو غير مجتهد، وذهب الجمهور من متأخري الحنفية والشافعية وغيرهم إلى جوازه عقلًا ولكنه لم يقع، وتردد الشافعي فقيل في الجواز وقيل في الوقوع، والذي عليه الجمهور من العلماء أنه لا يجوز من الله أن يفوض إلى أحد شرع الأحكام كيف يشاء بما اتفق، قالوا: لأن الأحكام الشرعية إنما شرعت لمصالح العباد ولا يستمد من أحد اختيار الصلاح، وإدراكه علي جهة الاتفاق، وتأولوا ما أوهم ذلك مثل هذا الحديث، ومثل قوله "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك"(١) ومثل قوله تعالى: {إلا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ}(٢) ومثل قوله في حديث العباس "إلا الإذخر" فقال: "إلا الإذخر"(٣) فإن ذلك متأول، فمثل الآية محمول على الاجتهاد بدليل ظني، ومثل "إلا الإذخر" قاله العباس وقد كان فهم التخصيص فقرره النبي - صلى الله عليه وسلم - ومثل حديث السواك والحج أنه قد كان خير - صلى الله عليه وسلم - بين أن يأمر بالسواك، وأن لا يأمر وبين أن يوجب الحج، في كل عام أولًا أو أنه أراد أنه يقول ذلك بوحي (أ) لأنه لا ينطق عن الهوى، والله أعلم.