للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي رواية له (١) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بوضع الجوائح.

الجائحة هي الآفة التي تصيب الثمرة، من الجَوْح، وهو الاستئصال.

الحديث فيه دلالة على أن الثمر الذي على رءوس الشجر إذا باعه المالك وأصابته الجائحة، أن تلفه من مال البائع، وأنه لا يستحق على المشتري في ذلك شيئًا، وظاهر الحديث فيما باعه بيعًا غير منهي عنه وأنه بعد بدو الصلاح؛ لوقوع النهي عن بيعه قبل بدو الصلاح، وإن كان هذا يحتمل وروده قبل النهي، وقد تقدم حديث زيد بن ثابت في بيان ورود أصل النهي وما كان عليه أهل المدينة من الشجار، إلا أنه وقع في رواية حديث زيد بن ثابت من طريق أبي الزناد عن خارجة عن أبيه، أنه قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ونحن نبتاع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، فسمع خصومة، فقال: "ما هذا". فذكر الحديث (٢)، فأفاد مع ذكر سبب النهي تاريخ ذلك، فيكون هذا الحديث متأخرًا، فيحمل على البيع بعد بدو الصلاح.

وقد ذهب إلى العمل بظاهر الحديث حيث أصابت الجائحة الثمر جميعه أنه يوضع الثمر جميعه، محمد وأبو عبيد، وأن التلف يكون من مال البائع. وقال الشافعي في أصح قوليه وأبو حنيفة والليث بن سعد: إن تلف ذلك يكون من مال المشتري ولا يجب على البائع أن يضع شيئًا، وإنما يستحب له. وهو قول الهدوية؛ لأن التخلية في العقد الصحيح بمنزلة القبض حيث كان العقد صحيحًا، وقد سلمه البائع بالتخلية بينه وبين المشتري،


(١) مسلم ٣/ ١١٩١ ح ١٥٥٤/ ١٧.
(٢) البخاري ٤/ ٣٩٣ ح ٢١٩٣ معلقا، وأحمد ٥/ ١٩٠.