للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تكليم الغرماء ظاهره ليس لطلب الحجر، وإنما هو لأجل الإنظار والتحلل منهم إلى وقت اليسار، وما ادعاه إمام الحرمين هو خلاف ما صح من الروايات المشهورة، فإن في "مراسيل (أ) أبي داود" التصريح بأن الغرماء هم الذين طلبوا ذلك. وفي هذا دلالة على أنه لا يحجر الحاكم حتى يطلب الغرماء ذلك في دين مؤجل إذ الحق لهم، وقال الشافعي: يصح قبل الطلب لمصلحة. وذكر بعض الهدوية أنه يصح في المؤجل إذا رأى الحاكم في ذلك صلاحًا، وقال أبو جعفر: الدين المؤجل كالمعدوم حتى يحل الأجل. قال المؤيد بالله: ويصح الحجر قبل التثبيت بالدين مدة قريبة. وقدرها المهدي في "البحر" ثلاثة أيام.

ويؤيد شرعية الحجر ما وقع من عمر في حق أسيفع جهينة وهو ما أخرج مالك في "الموطأ" (١) بسند منقطع أن رجلًا من جهينة كان يشتري الرواحل فيُغالي بها؛ فيسرع المسير فيسبق الحاج، فأفلس فرفع أمره إلى عمر بن الخطاب فقال: أما بعد أيها الناس، فإن الأسيفع أسيفع جهينة قد رضي من دينه وأمانته أن يقال: سبق الحاج. وفيه: ألا إنه ادّان مُعْرِضًا (٢)، فأصبح وقد رِينَ به -أي أحاط به الدين- فمن كان له عليه دين؛ فليأتنا بالغداة فنقسم ماله بين غرمائه، ثم إياكم والدَّينَ فإن أوله هَمٌّ وآخره حَرَب (٣).


(أ) في ب، جـ: مرسل.