والمليء بالهمز: مأخوذ من الملْء. يقال: ملؤ الرجل بالضم: أي صار مليئًا، وقال الكرماني (١): الملي كالغني لفظًا ومعنى. فهو بغير همزة. وقال الخطابي (٢): هو في الأصل بالهمز لكنَّه خفف. والأمر في قوله:"فليتبع" للاستحباب عند الجمهور، ووهم من نقل الإجماع عليه، وقيل: هو أمر إباحة وإرشاد. وهو شاذ، وحمله أكثر الحنابلة وأبو ثور وابن جرير وأهل الظاهر على ظاهره وهو الوجوب.
والحديث فيه دلالة على أن مطل الغني ظلم يجب الاحتراز عنه، واختلف هل يعد إذا كان عمدًا كبيرة أم لا؟ فالجمهور علم أن فاعله يفسق، لكن هل يثبت فسقه بمطله مرَّة واحدة أو لا؟ قال النووي (٣): مقتضى مذهبنا [اشتراط التكرار. ورده السبكي في "شرح المنهاج" بأن مقتضى مذهبنا] (١) عدمه، واستدل بأنه منع الحق بعد طلبه، وانتفاء العذر عن أدائه كالغصب، وتسميته ظلمًا يشعر بكونه كبيرة، والكبيرة لا يشترط فيها التكرار، نعم لا يحكم عليه بذلك إلَّا بعد أن يظهر عدم عذره. انتهى. واختلفوا هل يفسق قبل الطّلب أو لا بد منه؟ والذي يشعر به الحديث هو أنه لا بد من الطّلب؛ لأنَّ المطل لا يكون إلَّا معه.
ويشمل المطل كل من لزمه حق؛ كالزوج لزوجته والسيد في نفقة عبده. ومفهوم الحديث أن مطل العاجز عن الأداء لا يدخل في الظلم، وهو بطريق مفهوم المخالفة، ومن لم يقل بالمفهوم يقول: العاجز