للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يُظَاهِرُونَ} (١). مبتدأ متضمن لمعنى الشرط بدليل الفاء في قوله: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (٢). والمبتدأ المتضمن لمعنى الشرط مستقبل. وأجاب عنه بأن دخول الفاء في الخبر يستدعي العموم في كل مظاهر، وذلك يشمل الحاضر والمستقبل. قال: وأما دلالة الفعل على الاختصاص بالمستقبل ففيه نظر. كذا قال. انتهى.

وأنت خبير بأن هذا الجواب لا يدفع الإشكال. ويمكن أن يقال: إن الآية الكريمة تدل على ما ذكر، ودخول قصة أوس ثبتت ببيان النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الآية الكريمة في حقه وفي حق من سيكون منه في المستقبل، أو أن المقام مقام الماضي؛ لأنه في بيان حكمه، إلا أنه عبر بصيغة المستقبل مجازًا، للتنبيه على أن الحكم لا يختص به، وأن ذلك له ولغيره، ورجح التعبير بالمستقبل؛ لأن المقصود الأصلي هو شرع الحكم في المستقبل، ومثل هذا واقع كثير.

وتدل قصة أوس بن الصامت على أنه إذا قصد بلفظ الظهار الطلاق لم يقع الطلاق وكان ظهارًا، وقد ذهب إلى هذا أحمد بن حنبل والشافعي وغيرهما والإمام يحيى، قال الشافعي: ولو ظاهر يريد طلاقًا كان ظهارًا، أو طلق يريد ظهارًا كان طلاقًا. هذا لفظه، ونص أحمد أنه إذا قال: أنت علي كظهر أمي. أعني به الطلاق. كان ظهارًا ولا تطلق به. وكذا قال في "البحر" بعد ذكر كلام الإمام، إذ لا حكم لنيته ما لم يوضع له اللفظ حقيقة أو مجازًا. وعلله ابن القيم في "الهدي" (٣) بأن الظهار كان طلاقًا في


(١) الآية ٢ من سورة المجادلة.
(٢) الآية ٣ من سورة المجادلة.
(٣) زاد المعاد ٥/ ٣٢٧.