للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ويلزم الممسك الحبس، وقد ذهب إلى هذا العترة والحنفية والشافعية، ولقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى} (١). وذهب مالك والنخعي وابن أبي ليلى إلى أنهما يقتلان جميعًا؛ إذ هما مشتركان في قتله، لأنه لولا الإمساك لما انقتل. وأجيب بأن النص منع الإلحاق، وأيضًا فإن حكم ذلك حكم الحافر للبئر والمردي إليها، فإن الضماق على المردي دون الحافر اتفاقًا، وذهب ربيعة إلى أنه يحبس الممسك حتى يموت. ومثله ذكر الأمير الحسين في "الشفا"، قال: لفعل علي رضي الله عنه. وظاهر هذا الخلاف أن ذلك واجب في ضمانه، وأجيب عنه بأن فعل علي رضي الله عنه إنما فعله للتأديب والتعزير، فعرض موته في أثناء الحال، وليس حبسه مقصودًا إلى أن يموت. والجمهور يحملون الحديث في حبس الصابر أنه يحبس تأديبًا، وهو موكول إلى نظر الإمام من غير تحديد، وهو خلاف ظاهر الحديث؛ فإن قوله: "يقتل الذي قتل، ويحبس الذي أمسك". من غير بيان، يَقْضي بما ذكره ربيعة، والتقييد زيادة بغير دليل. والله أعلم.

٩٧٤ - وعن عبد الرحمن بن البيلماني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل مسلمًا بمعاهد، وقال: "أنا أولى من وفى بذمته". أخرجه عبد الرزاق هكذا مرسلًا، ووصله الدارقطني بذكر ابن عمر فيه، وإسناد الوصول واه (٢).

تقدم الكلام في الحديث قريبًا (٣).


(١) الآية ١٩٤ من سورة البقرة.
(٢) عبد الرزاق، باب قود المسلم بالذمي ١٠/ ١٠١ ح ١٨٥١٤، مرسلًا، والدارقطني، كتاب الحدود والديات وغيره ٣/ ١٣٤، ١٣٥ ح ١٦٥.
(٣) ينظر ما تقدم ص ٣٧٤ - ٣٨١.