للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم بيان الاحتمال (١) ظاهر: فإن التكلم (٢) بالعام على إرادة الخاص. وكذا التكلم بالمطلق على إرادة المقيد شائع بين (٣) أهل اللغة - ولهذا كان أكثر العمومات في الكتاب والسنة واستعمال أرباب اللسان مخصوصة، وأكثر الخطاب المطلق مقيداً. فالعام - إن (٤) كان باعتبار الوضع الأصلي - يقتضي الشمول والاستغراق. وكذا اللفظ المطلق: يقتضي الإطلاق - فعلى اعتبار العرف والاستعمال المستفيض: يحتمل الخصوص والقيد، وكتاب الله تعالى نزل بلسان العرب، ليفهموا منه ما هو السابق إلى أفهامهم. وكذا بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم (٥) ليفهموا من كلامه ما هو المفهوم (٦) من كلامهم.

وإذا (٧) كان احتمال الخصوص والقيد، في عرف الاستعمال، حال نزول الخطاب، ثابتاً على وجه الظاهر، فإن لم يوجب التوقف في العمل، كالمشترك والمجمل، [فـ]ـلا أقل من أن يوجب الاحتمال. ومع قيام الاحتمال لا يتصور العلم قطعاً - وهذا كلام ظاهر.

ولا (٨) يصح قولهم إن اللفظ الخالي عن قرينة الخصوص والقيد، يدل على أن المراد منه الموضوع لغة، والجواب ما ذكرنا (٩): أنه بم (١٠) يعرف خلو اللفظ عن (١١) القرينة، بل احتمال القرينة قائم - على ما مر في فصل الأمر.

ولا يصح قولهم أيضاً إن في ذلك تلبيس الأمر على السامعين، لأنه إذا كان عرف الاستعمال ما ذكرنا، يجب أن يحملوا عليه. وقد ذكرنا ذلك في مسألة الأمر - والمسألة طويلة ذكرت في الشرح.


(١) في ب: "الإجمال".
(٢) كذا في أ: "التكلم". وفي الأصل و (ب): "المتكلم".
(٣) كذا في ب. وفي الأصل و (أ): "من".
(٤) في ب: "على أن العام وإن".
(٥) في أ: "فيهم".
(٦) كذا في ب. وفي الأصل و (أ): "المشهور".
(٧) في (أ) و (ب): "فإذا".
(٨) في ب: "فلا".
(٩) في ب: "فالجواب في كلها".
(١٠) في أ: "لم".
(١١) "اللفظ عن" من (أ) و (ب).