للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم صار مستعملا في الشرع لأفعال معهودة من غير أن يخطر بالبال معنى الدعاء في الصلاة. وكذا الزكاة: في اللغة عبارة عن النماء والزيادة -، قال: زكى الزرع إذا نما وازداد (١)، وفي الشرع صار عبارة عن أداء طائفة من النصاب بطريق الفرضية من غير أن يسبق إلى أفهام الناس معنى الزيادة. ولهذا نظائر. ولا إحالة في ذلك لما ذكرنا أن تسمية (٢) المسمات في وضع اللغة ليس لذوات المسميات، حتى يجب ملازمة (٣) التسميات ملازمة الذوات (٤)، إذ الحكم العيني يبقى ما بقي العين، وإنما الوضع تابع للأغراض مرتب عليها، بناء على اختيار واضع اللغة، لمصلحة رأى في ذلك. فإن كان الواضع (٥) من أرباب اللغة، كما قال بعضهم، فيجوز أن ينقل الاسم اللغوي، باختيار صاحب الشرع، لتبدل المصلحة الثابتة (٦)، بناء على الوحي. وإن كان توقيفياً (٧)، كما قال أكثرهم، فكان وضع الاسم في الابتداء من صاحب الشرع لذلك المسمى لحكمة ومصلحة عرفها.

ثم إذا وضع ذلك الاسم لفعل شرعي أو لحكم شرعي، مع اندراج. ذلك الاسم عن المعنى الأول، علم ضرورة أن المصلحة تبدلت، فيجوز النقل. وبهذا الطريق جوزنا النسخ في الأحكام. ووضع (٨) الاسم، إذا كان من صاحب الشرع، فهو من الأحكام، فلما جاز نسخ الأحكام لماذا لا يجوز نسخ الأسماء؟ وإن كنا لا نعقل الحكمة في البابين، تسليماً وانقياداً لفعل صاحب الشرع، مع اعتقاد الحكمة والمصاحة في الثاني وانتهاء الأول.


(١) في ب: "وزاد".
(٢) في أ: "تسميته".
(٣) في هامش أ: "من ملازمة".
(٤) زاد هنا في أ: "ملازمة المسميات ملازمة الذوات".
(٥) كذا في أ. وفي الأصل: "الوضع" وفي ب: "وإن كان الوضع".
(٦) في الأصل وب كذا: "الثابت".
(٧) في ب كذا: "توقيعه".
(٨) في ب: "لأن وضع".