للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

• إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الوحي، في مقام النبوة، على ما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: كنت نبيًا وآدم بين الماء والطين. وكان يرى من نواقض العادات ما يعرف أنه معد لأمر عظيم، فما ثبت عنده بقول (١) أسلافه، وكان (٢) من ممكنات العقل لا من ممتنعاته، فرأى حسنه باجتهاده، وهو معصوم عن الغلط في أمور الدين، وعن كل قبيح خفي - فيصير شريعة له، فيعمل على أنه شريعة الله تعالى، وأنه واجب عليه العمل به- كما كان يفعل (٣) في بعض الأشياء بعد المبعث باجتهاده ولم ينتظر نزول الوحي - فلم يكن ذلك عملا بشريعة من قبله في الحاصل.

• وأما رجم اليهوديين فنقول: كان الرجم من شريعته في ابتداء الأمر على ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: إن مما يتلى في كتاب الله تعالى: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالا من الله والله عزيز حكيم"، وكان من عادة القوم الزنا، وكان لا ينزجر (٤) البعض عن ذلك، فشرع أغلظ الزواجر مبالغة (٥) في الزجر. ثم لما تركت (٦) العامة ذلك وقل وجوده، وقع الاكتفاء بالأدنى، فانتسخ في بعض الأزمان. ثم لما تغير الزمان وتبدلت المصلحة شرع في حق البعض الرجم وبقي الجلد (٧) في حق البعض. ولكن كان اليهود في الابتداء ما التزموا أحكام شرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما صاروا ذمة له، وكانوا أنكروا الرجم فأمرهم


(١) في ب: "كما ثبت بقول".
(٢) كذا في (أ) و (ب). وفي الأصل: " فكان".
(٣) في ب. "يفعل به".
(٤) في ب كذا: "لاندجر".
(٥) كذا في هامش أ. وفي الأصل وب ومتن أ: "إبلاغًا" - وبالغ في الشيء مبالغة وبلاغًا اجتهد فيه واستقصى أو غالى فيه (المعجم الوسيط)
(٦) في ب: "ترك".
(٧) "الجلد" ليست في ب.