للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حرام (١). ولو كان الإجماع المتأخر يرفع الخلاف المتقدم لكان لا يورث شبهة، فينبغي أن يجب الحد، ولما لم يجب (٢)، دل أن الإجماع في العصر التالي بعد وجود الخلاف في العصر الأول، ليس بإجماع ولا حجة، فتكون المسألة اجتهادية، فيصير خلاف العلماء شبهة في درء الحد - والله أعلم (٣).

ولأصحابنا رحمهم الله أن الدلائل التي عرفنا بها كون الإجماع حجة مطلقة لا توجب الفصل بين إجماع سبقه الخلاف وبين إجماع لم يسبقه، [و] من ادعى القيد فعليه الدليل. ولأنه (٤) لو جاز وجود الإجماع من التابعين جملة وخرج الحق عن جملتهم لجاز خروج الحق عن القرون الأخر بعدهم، فيؤدي إلى جواز بقاء الأمة على الضلال أبدًا (٥)، وإنه خلاف النص والمعقول، على ما تبين. ولأن الصحابة اتفقوا على أنه لا يجوز للتابعين (٦) أن يقدموا الواحد (٧) من الفريقين عيناً، بل اتفقوا على وجوب الاجتهاد عليهم، في طلب الصواب في أحد القولين، والطلب لأجل الإصابة، فكان هذا إجماعاً منهم (٨) على إصابة الحق، فيما اختلفوا، عند الطلب. فمن قال إن إجماعهم لا يكون حجة، بعد ما طلبوا وبذلوا مجهودهم في ذلك، ولا طريق أقوى في الإصابة من إجماعهم عليه، فقد خالف إجماع الصحابة والتابعين جميعاً. ولأنهم لما حرموا عليهم التقليد


(١) "أما عندنا ... الوطء حرام" ليست في ب.
(٢) "ولو كان الاجماع المتأخر ... ولما لم يجب" من (أ) و (ب).
(٣) كذا في ب. وفي أ: "ولمل لم يجب دل أن هذا الإجماع غير ثابت ولا حجة". وفي الأصل: "ولكن الوطء حرام: دل أن هذا الإجماع غير ثابت ولا حجة".
(٤) كذا في (أ) و (ب). وفي الأصل: "وإنه".
(٥) "أبدًا" ليست في أ.
(٦) "للتابعين" ليست في ب.
(٧) كذا في ب. وفي الأصل و (أ): "لواحد".
(٨) في هامش أ: "من الصحابة".