للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنه لا يحتمل الارتفاع والعدم بحال، لقيام دليله (١)، وهو العقل، على كل حال، فلا يحتمل النسخ، وحكمه انتهاء الحكم الأول أو (٢) الزوال والارتفاع، على ما تكلموا فيه - وهذا عندنا.

وأما علي مذهب أصحاب الحديث، وإن كان وجوب الإيمان وحرمة الكفر بالدليل السمعي، لا بالعقل وحده، لكن قام الدليل السمعي على وجوب الإيمان وحرمة الكفر علي طريق التأبيد، فلا يحتمل النسخ.

وإنما قالوا: الحكم الشرعي المطلق عن الوقت والأبد صريحاً أو (٣) دلالة، لأن الحكم الثابت بطريق التأبيد لا يحتمل النسخ، بل يكون ذلك من باب البداء، تعالى الله عن ذلك.

نظيره قول الله تعالى (٤): "وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة" (٥)، وإنه كذلك إلى قيام الساعة.

وأما التأبيد دلالة فهو الأحكام الشرعية التي بقيت بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يثبت الانتساخ في حال (٦) حياته، لأن الانتساخ إنما يكون بالوحي، ولا وحي يتصور بعد وفاته، لكونه خاتم النبيين.

وكذا (٧) الموقت صريحاً، لأن ثبوت الحكم في المدة المعينة بمنزلة الحكم المؤبد، فلا يجوز (٨) الانتساخ قبل مضي الوقت، لما ذكرنا.


(١) في ب: "دليل".
(٢) في ب: "و".
(٣) في ب: "و".
(٤) في ب: "قوله تعالى". أي نظير التأبيد الصريح.
(٥) سورة آل عمران: ٥٥: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}.
(٦) "حال" ليست في ب.
(٧) في ب: "وكذلك".
(٨) كذا في ب. وفي الأصل: "فيجوز".