ويُلاحَظ أن بعض المؤلفين والرسامين اليهود في الحضارة الغربية بدأوا، منذ نهاية القرن التاسع عشر، في تناول مضامين يهودية في أدبهم وفنهم. ولكن مثل هؤلاء لا يختلفون البتة عن المؤلفين غير اليهود الذين يتناولون مضامين يهودية، ذلك أن طريقة التناول ـ بكل مزاياها وعيوبها ـ تظل جزءاً من التشكيل الحضاري الغربي. إن سول بيلو وفيليب روث ـ وكلاهما كاتب أمريكي يهودي ـ يتناولان شخصيات أمريكية يهودية، إلا أن أدبهما لا يمكن أن يُصنَّف أدباً يهودياً، وعبقريتهما لا تُصنَّف كعبقرية يهودية إذ يظل هذا الأدب أدباً أمريكياً مكتوباً بالإنجليزية، ينتمي إلى التراث الأدبي الأمريكي ولا يمكن فهمه خارج هذا التراث، وتظل عبقريتهما نتاج تفاعلهما مع محيطهما الحضاري. وهما في هذا لا يختلفان عن جيمس جويس في رواية يوليسيس حينما جعل أحد أبطال روايته يهودياً، ومع هذا لم يصنفها أحد باعتبارها من عيون الأدب اليهودي، شأنها في هذا شأن رائعة شكسبير تاجر البندقية.
وفيما يتصل بالعبقريات التي تنتجها إسرائيل، فإن الأمر يتوقف على جنسية العبقري، فإن كان هذا العبقري إسرائيلياً فهو تعبير عن العبقرية الإسرائيلية، أما إذا كان من أصل روسي أو ألماني فهو عبقري روسي أو ألماني، أي أن العبقرية اليهودية تظل مقولة مجردة لا وجود لها إلا بين صفحات الكتب الصهيونية أو المعادية لليهود. وبدلاً من ذلك، يتعيَّن علىنا أن نتحدث عن «عباقرة يؤمنون بالدين اليهودي» ، أو عن «عباقرة ذوي بعد إثني يهودي» ، وينتمون إلى الحضارات الإنسانية المختلفة في مختلف الأماكن والأزمان.
ومن الأمور الجديرة بالدراسة نسبة العباقرة بين الإسرائيليين ومدى اختلافها عن مثيلتها بين الدول التي حققت معدلات التحديث والتصنيع والتقدم التكنولوجي والعلمي نفسها. وكل المؤشرات تدل على أنها غير مختلفة على الإطلاق، وإن كان الأمر يحتاج إلى مزيد من الدراسة.