وإلى جانب هذا، كان يهود شرق أوربا من أكثر القطاعات الإنسانية تَخلُّفاً، كما أن قيادتهم لم تُدرك أبعاد التحدي القومي العلماني الجديد ومدى جاذبيته بالنسبة لجماهيرهم، الأمر الذي أعاق أعضاء الجماعة اليهودية عن الاستجابة الخلاقة للوضع الجديد في معظم الأحيان. ومن المفارقات أن هذا التخلف نفسه أدَّى إلى نتائج عكسية تماماً بالنسبة للشباب، إذ كانوا يهرعون إلى عالم الأغيار وينصهرون فيه، هرباً من الجو الخانق للجيتو.
ويركز الصهاينة على تَعثُّر محاولات التحديث والاندماج لتأكيد حتمية المشروع الصهيوني. ورغم كل الادعاءات عن فشل الاندماج، فإن الوضع الثقافي لليهود يثبت أن هذا الواقع هو الحقيقة الأساسية في حياة معظم الجماعات اليهودية إن لم يكن الحقيقة الأساسية في حياتها جميعاً. فنسبة الزواج المُختلَط في الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي (سابقاً) ، اللذين يضمان أغلبية اليهود في العالم، مرتفع للغاية (تبلغ في المتوسط ٥٠% وتصل في بعض المناطق إلى حوالي ٨٠%) . والاندماج وحده هو الذي يفسر سلوك أعضاء الجماعات اليهودية المتعيِّن، فهم يرفضون الهجرة إلى إسرائيل رغم تلويح الحركة الصهيونية لهم بخطر معاداة اليهود بل وبالإبادة. وفضلاً عن ذلك، فإنهم يرفضون زيارة الدولة الصهيونية للسياحة حيث لم يزرها سوى ١٥% من يهود أمريكا الذين يفضلون قضاء إجازاتهم في جزر الكاريبي.