للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونموذج الشعب العضوي المنبوذ هو ذاته النموذج الرئيسي وراء فكر بول باستيل زعيم حركة الديسمبريين في روسيا، فقد كان يرى أن اليهود «يحافظون دوماً على روابط وثيقة بدرجة لا تُصدَّق، بسبب الدين والسيطرة الحاخامية على أوجه الحياة جميعاً» ، أي أنهم شعب عضوي. والحل هو «إما تخليص اليهود من خصوصيتهم، واستيعابهم استيعاباً تاماً، أو مساعدتهم على تأسيس دولتهم الخاصة المستقلة في منطقة ما من آسيا الصغرى. ولهذا يجب تعيين نقطة تَجمُّع الشعب اليهودي بمساعدة بعض الجنود. وإذا تَجمَّع في مكان واحد جميع اليهود الروس والبولنديين، فإن عددهم سيبلغ أكثر من مليونين، وبعد أن يجتازوا أوربا التركية فإنهم يستطيعون أن يعبروا إلى تركيا الآسيوية حيث يمكنهم بعد الاستيلاء على أرض كافية لتأسيس دولة يهودية مستقلة» . وبهذا، فإن باستيل ينظر إلى اليهود باعتبارهم مادة استيطانية يمكنه استخدامها كوسيلة في الصراع الناشب بين روسيا القيصرية والدولة العثمانية.

وقد أصبح النموذج أيضاً بُعداً أساسياً في الفكر الاستعماري الإنجليزي، فنجد أن لورد شافتسبري يتحدث عن اليهود باعتبارهم عنصراً مستقلاً له سماته القومية المستقلة، ولكنه عنصر طفيلي فاسد. وانطلاقاً من هذا، فقد عارض مَنْحَهم الحقوق الدينية، ولكنه بذل جهوداً كبيرة في سبيل اتخاذ الخطوات اللازمة لتوطينهم في فلسطين. وقد تبنَّت وزارة المستعمرات رأيه منذ عام ١٨٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>