ويستمر هذا الخط ليصل إلى بلفور الذي كان يؤمن إيماناً جازماً بأن اليهود كيان تختلط فيه القومية بالدين. وأنهم كيان غريب على الحضارة الغربية التي لم تستطع استيعابهم. وكان بلفور يرى أن اليهود، بطفيليتهم وعدم انتمائهم، يشكلون عبئاً على الحضارة الغربية، فاستصدر عام ١٩٠٥ من القوانين ما يُوقف مد الهجرة اليهودية إلى إنجلترا. ولكن وزارته وافقت في العام نفسه على مشروع شرق أفريقيا. ثم ساهم بلفور، بعد ذلك، في استصدار الوعد الذي سُمي باسمه. والواقع أن كلا المشروعين يهدف إلى تخليص أوربا من اليهود، وذلك عن طريق الاستفادة منهم في مكان آخر.
وفي الفكر الاشتراكي الغربي، ظهر نموذج الشعب العضوي المنبوذ في فكر فورييه وتلاميذه، خصوصاً توسينيل وأدولف إلايزا الذي شبَّه اليهود بالبكتريا القذرة التي تحمل العفن إلى أي مكان تحل فيه. ويُلاحَظ أن الصورة المجازية هنا عضوية، تماماً مثل الشعب العضوي، وهي صورة مجازية استخدمها الزعيم الصهيوني نوردو والزعيم النازي هتلر. وقد تَبنَّى هؤلاء حلاًّ صهيونياً للمسألة اليهودية وطلبوا من اليهود أن يرحلوا إلى "بلادهم"!