وحينما ظهرت الصهيونية بين اليهود، كان هناك تَلازُم أيضاً بين نموذج الشعب العضوي المنبوذ وبين الاستيطان الصهيوني. وقد تَقبَّل كثير من الصهاينة هذا النموذج التفسيري وأسسوا عليها نظريتهم الصهيونية، فرددوا أن اليهود طفيليون، كريهون لا أخلاقيون، ويجب تطبيعهم عن طريق تطويعهم من أجل خدمة المشروع الاستعماري الغربي وتوطينهم في فلسطين. وفي أوائل القرن الحالي، كانت الزعامة الصهيونية في ألمانيا تؤكد تَدنِّي اليهود ووضاعتهم وعدم انتمائهم لإسباغ الشرعية والمعقولية على المشروع الصهيوني. ولهذا فقد قَبلت المقولات الأساسية لمعاداة اليهود واستوعبتها في بناء النسق الفكري الصهيوني ذاته. وقد ظهر الفكر النازي في هذه التربة، وهو فكر ينطلق من فكرة أن الشعب العضوي الألماني والشعب العضوي اليهودي المنبوذ يجب ألا يختلطا حتى يحتفظ كلٌّ بهويته العضوية. وقد بيَّن ألفريد روزنبرج، أهم مُنظِّري العقيدة النازية، إبان محاكمته في نورمبرج، أنه تَبنَّى رؤية بوبر حيث أعلن أن اليهود يجب يعودوا إلى أرض آسيا حتى يمكنهم (هناك فقط) العثور على جذور الدم اليهودي.