للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وردت في قوانين نورمبرج الفقرة التالية عن الصهيونية ومبرراتها: "لو كان لليهود [أي الشعب العضوي المنبوذ] دولة خاصة بهم تضمهم جميعاً في وطن واحد، لأمكن اعتبار المشكلة اليهودية محلولة حتى بالنسبة إلى اليهود أنفسهم". ومن ثم، فإن النازيين لم يكونوا ضد المشاريع الاستيطانية الصهيونية التي تهدف إلى التخلص من اليهود. ولكن، لسوء حظ ألمانيا واليهود، لم يكن لدى ألمانيا مستعمرات في آسيا وأفريقيا (بعد إجهاض مشروعها الاستعماري على أيدي الدول الاستعمارية الأخرى) . وربما، لو وُجدت مثل هذه المستعمرات الألمانية، لقام هتلر بكفاءته المعهودة بنقل فائض أوربا المنبوذ وانتفع منه ومن إمكانياته، بدلاً من إبادته وحرقه. ولكن مجال ألمانيا الحيوي في أوربا كان آهلاً بالسكان، ولذا، لم يكن بوسع هتلر سوى إبادة اليهود بدلاً من نقلهم (حسب منطق أوربا العملي المادي) .

وقد لاحَظ كثير من المثقفين الألمان اللوثريين أعداء النازية ذلك التَطابُق بين الفكرة الغربية الخاصة بالشعب العضوي ونموذج الشعب العضوي كما عبَّر عنها الصهاينة، وقال ريتشارد كودينهوف كاليرجي، وهو من أكبر مناهضي العنصرية، إن القوميتين اليهودية والنازية حركتان حولتا الدنيا والمادة إلى مقولات ميتافيزيقية، أي إلى دين، وكلتاهما تُضفي صفة نسبية على كل القيم باستثناء القيم العرْقية وعلاقات الدم والتربة، بحيث تختفي جميع المعايير إلا معيارالعرْق. ثم أشار كاليرجي إلى أن كلتا الحركتين قبلتا القول بأن ألمانيا لا يمكنها استيعاب اليهود.

<<  <  ج: ص:  >  >>