ومصطلح «الصابرا» ، والمصطلحات المرتبطة به، تؤكد صفات مُحدَّدة في شخصية صاحبها، أي أبناء المستوطنين الصهاينة الذين وُلدوا ونشأوا في فلسطين، ومن أهمها معاداة الفكر والمقدرة على التعامل مع الواقع بشكل مباشر. وهذه الصورة موضوع أساسي كامن في الفكر الصهيوني الذي يَصدُر عن نقد ما يُسمَّى «شخصية يهود المنفى» ، باعتبارهم شخصيات مريضة ضعيفة هزيلة حزينة شاحبة منغلقة هامشية قلقة يغمرها الإحساس بالذنب ولا تسيطر بأية حال على مستقبلها أو مصيرها مما يُسمَّى في الأدبيات الصهيونية «العجز وانعدام السيادة وممارسة السلطة» . وكانت الصهيونية تطرح فكرة تطبيع الشخصية اليهودية، أي جعل اليهود شخصيات طبيعية عن طريق الاستيطان في فلسطين وأداء أعمال يدوية، وعدم الاعتماد على العمالة غير اليهودية، باعتبار أن هذه العملية ستؤدي في نهاية الأمر (حسب التصور الصهيوني) إلى نفي الدياسبورا، أي القضاء على الجماعات اليهودية في الخارج. وقد طرح الصهاينة ما سمّوه «اليهودي الخالص» ، وهو اليهودي مائة بالمائة الذي يُجسِّد القيم الصهيونية الجديدة، بديلاً ليهودي المنفى. وكان من المُتوقَّع أن يكون المُستوطن الصهيوني هو آخر يهود المنفى وأول اليهود الخُلَّص الذين لا تشوبهم شائبة من عالم الأغيار، وهذا هو ما عبَّروا عنه في قولهم:"فلتكن آخر اليهود وأول العبرانيين". وقد تنبأ الشاعر الصهيوني نحمان بياليك بتطبيع اليهود، وأنهم سيصلون إلى هذا المستوى حين تظهر أول بغيّ عبرية، وأول لص عبري في فلسطين!