وأخذ المستوطنون يحاولون وَضْع هذه الرؤية موضع التنفيذ بحيث يصبح الإنسان العبراني الجديد نقيض يهود المنفى. وكما قال الشاعر الإسرائيلي تسفي جرينبرج في قصيدة له:"الأمهات اليهود أحضرن أطفالهن إلى الشمس ليحترق الدم الذي يجري في عروقهم ويزداد حمرة، بعد أن بهت في الجيتو وعالم الأغيار! ". والإنسان الجديد هو الصابرا؛ هذا الإنسان العبراني المعادي للفكر، القوي البسيط المباشر الذي يرفضه يهود المنفى ولا يفهم هو سلوكهم أو خضوعهم. والصابرا يدين بالولاء لدولته القومية ولا يعاني من أي ازدواج في الولاء، ويحب أن يسير مع الجماعة (وقد جاء في إحدى القصائد الإسرائيلية أن الصابرا، حينما يحلم، يحلم بضمير جمع المتكلمين) ولا ينفصل عنها (جاء في إحدى النكات الإسرائيلية أن عضواً في الكيبوتس قد تركه أصدقاؤه بمفرده، ففكر في الانتحار، وحاول ذلك بالفعل، ولكنه فشل لأنه كان بمفرده) . والصابرا لا يؤمن بالدين، فقد تمت علمنته بشكل كامل على النمط الأوربي، كما أن هويته العبرانية هوية قومية مرتبطة بالأرض لا بالقيم الدينية. وهو، علاوة على كل هذا، شخصية منتجة - حسب التصوُّر الصهيوني - تتحكم في مصيرها. وينعكس كل هذا في الأبعاد العسكرية لشخصيته، ولذا نجد أن ذروة هذه الشخصية وأقصى تَحقُّق لها هو الكيبوتسنيك، أي عضو الكيبوتس الذي لا ينتمي إلى أسرة مُحدَّدة ويعيش في مجتمع شبه زراعي شبه عسكري في بيئة مختلفة تماماً عن الجيتو.