وقد تبدَّت هذه التناقضات في شكل تناقص إحساس الصابرا بيهوديتهم. فحين تم استطلاع رأي جيل الصابرا (بعد إنشاء الدولة) ، وُجد أن لديهم إحساساً شديداً بهويتهم المُخلَّقة الجديدة تأخذ شكل اعتزاز شديد بالنفس واحتقار عميق ليهود العالم، وخصوصاً أن الملايين التي كان من المفترض قدومها للاستيطان في الأرض المحتلة آثرت البقاء في أوطانها التي يُشار إليها بلفظ «المَنْفَى» . كما أفاد الاستطلاع أن الرؤية المباشرة المعادية للفكر عند الصابرا تبدَّت في صورة رَفْض للفكرة الصهيونية ذاتها، وذلك باعتبار أن الصهيونية ليست تجربة وجودية حية وإنما مجرد نظرية تُعبِّر عن استجابة يهود المَنْفَى لعالم الأغيار وعن تطلعاتهم للخلاص منه وبرنامج لإصلاحهم وتطبيعهم، الأمر الذي لا ينطبق على الصابرا الذين يعيشون واقعهم الجديد. أما معاداة اليهود، إحدى ركائز الصهيونية، فهي بالنسبة للصابرا محض ذكريات الآباء والأجداد، لا يشاركون هم فيها. بل إن الفرد من جيل الصابرا، حينما ينظر إلى هذه الذكريات أو «الماضي اليهودي» ، لا يُبدي سوى الازدراء له لاقترانه بالضعف والسلبية، فهو لا يقبل مثلاً سلوك الستة ملايين الذين يُزعَم أنهم أبيدوا بغير مقاومة على يد النازيين.