وإذا اختبرنا النموذج الكامن وراء مقولات مثل «الشخصية أو الهوية اليهودية الثابتة الواحدة» فإننا سنكتشف مدى قصوره، فأعضاء الجماعات اليهودية ليسوا تجاراً بطبعهم، إذ عمل العبرانيون بالزراعة في فلسطين، كما كان منهم الجنود المرتزقة في الإمبراطوريتين اليونانية والرومانية، ومعظمهم الآن من المهنيين في الغرب. وهم ليسوا متآمرين بطبعهم، بل وسقط منهم ضحايا للتآمر، لكن هذا لا يمنع وجود متآمرين وتجار بينهم. وهم ليسوا منحلّين في كل زمان ومكان، إذ كانت هناك أزمنة وأمكنة استمسك فيها أعضاء الجماعات اليهودية بأهداب الفضيلة ولم تُعرَف بينهم ظواهر مثل ظاهرة الأطفال غير الشرعيين.
وهناك خلل يتمثل في الحديث عن اليهود بشكل مجرد، فمن يود أن ينسب العبقرية إلى الهوية أو الشخصية اليهودية سيجد قرائن على ذلك في مكان وزمان معيَّنين، ومن يود أن ينسب إليهم التآمرية سيجد أيضاً قرائن على ذلك في مكان وزمان آخرين، ثم يتم تعميم الجزء على الكل. وهذا ما يقوم به الصهاينة، عن وعي أو عن غير وعي، حينما يتحدثون عن الشخصية اليهودية أو عن الهوية اليهودية.