للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ــ لم تكن الهوية العبرانية اليهودية، داخل فلسطين ذاتها، محددة بشكل صارم، حيث كانت تعيش في فلسطين أعداد كبيرة من أقليات غير يهودية (يونانيون وفينيقيون وبقايا الفلستيين وبقايا الأقوام السامية) . ويتضح عدم التحدد في فرض الملوك الحشمونيين اليهودية بالقوة إذ فُرضت بالقوة على الأدوميين (في شرق الأردن) وعلى الإيطوريين (في الجليل) . وكان هيرود (ملك اليهود) من أصل أدومي، وكان هؤلاء المتهوّدون يشكلون هوية جديدة أيضاً.

٣ ـ كانت اليهودية، كنسق ديني، تخوض تحولات عميقة في تلك المرحلة، نتيجة احتكاكها بالفكر الهيليني وانتشار اليهود في حوض البحر الأبيض المتوسط. وظهرت فرق يهودية كثيرة من بينها الصدوقيون (من طائفة الكهنة) الذين كانوا لا يؤمنون باليوم الآخر، والأسينيون (من أبناء الشعب) الذين كانوا يحيون حياة تَقشُّف ورهبنة. بالإضافة إلى الفريسيين (من أبناء الطبقة الوسطى أساساً) الذين كانوا يؤمنون باليوم الآخر وإليهم يرجع الفضل في إعادة صياغة اليهودية، وهو ما جعلهم أهم هذه الفرق. كما كان هناك أبناء الطبقات الثرية المتأغرقون، فضلاً عن الفرق الشعبية المتطرفة مثل الغيورين (قنائيم) ، وعصبة الخناجر (سيكاري) ، وكُتَّاب «كتب الرؤى» (أبوكاليبس) ، وكُتّاب «الكتب الخفية» (أبوكريفا) . وكان لكل فريق رؤيته وعقيدته. ومن ثم، كانت كلمة «يهودي» في تلك المرحلة التاريخية، تضم تعريفات كثيرة متضاربة الأمر الذي زاد من خلخلة الهوية على مستوى الرؤية والممارسة.

<<  <  ج: ص:  >  >>