وإذا ما أخذنا بالمعيار الإثني، فيمكن الإشارة إلى يهود فلسطين المتأغرقين، وكانوا يتركزون أساساً داخل المدن وفي أوساط الأثرياء. رغم أن التأغرق معيار إثني، إلا أنه يحمل تضمينات دينية، إذ أن اليهود المتأغرقين كانوا يقفون ضد كثير من الطقوس الدينية، ويحاولون التملص منها بل والقضاء عليها بالتعاون مع الدولة السلوقية الهيلينية. وهناك يهود فلسطين (الساميون) ، الذين كانوا يتحدثون الآرامية ويتركزون في الريف. كما كان هناك يهود فلسطين (المتهودون) من أبناء الإيطوريين والأدوميين. وهناك يهود مصر المتأغرقون (ويبدو أنه كانت هناك جماعة يهودية خارج الإسكندرية اكتسبت أيضاً الهوية المصرية المحلية ولم يكن أعضاؤها يُصنَّفون ضمن المتأغرقين) . وهناك أيضاً يهود جزيرة إلفنتاين وكانوا يتحدثون الآرامية، وأخيراً يهود روما (الذين كانوا يتحدثون اليونانية واللاتينية) . كما كانت تُوجَد جماعات يهودية في آسيا الصغرى وفي ليبيا (برقة) ، وفي أنحاء متفرقة من أوربا. ويمكن أن نذكر أخيراً أهم هذه الجماعات طراً، وهي الجماعة اليهودية في بابل التي انفصلت عن يهود الإمبراطوريات الهيلينية ثم عن الدولة الرومانية. وقد اكتسب أعضاء هذه الجماعات كثيراً من السمات الإثنية من المحيط الحضاري الذي كانوا يعيشون فيه، الأمر الذي أدَّى إلى قَدْر هائل من التنوع وعدم التجانس. وستظل هذه هي السمة الأساسية والعامة للهويات اليهودية المختلفة التي ظهرت عبر العصور وفي مختلف المناطق.