لكل هذا، لا يهاجر اليهود الجدد إلا بأعداد صغيرة، فمعدل هجرة الأمريكيين اليهود في السنة هو ١٢٥٠ فقط (ولعل هذا العدد قد تزايد قليلاً مع انتشار البطالة في المجتمع الأمريكي) ، ولكنهم دائماً على استعداد لإحداث الضوضاء والتظاهر من أجل إسرائيل والكتابة إلى الكونجرس ودفع التبرعات الآخذة في التناقص (لا يُساهم سوى ٠٢% من يهود أمريكا في الجباية اليهودية الموحَّدة،كما لُوحظ مؤخراً أن ما تحصل عليه الجمعيات الخيرية غير اليهودية من أعضاء الجماعات اليهودية في الولايات المتحدة يزيد على ما تحصل عليه الجمعيات اليهودية) . وقد لاحظ أحد الدارسين أن الهجرة إلى إسرائيل تتناسب تناسباً عكسياً مع تَصاعُد نبرة هذه الصهيونية التوطينية وازدياد حدتها.
لكن الأهم من هذا كله أن هذه الصهيونية لا تشكل رؤية متكاملة للحياة، فهي لا تتحكم إلا في جانب واحد وسطحي من الشخصية، إذ تظل قيم اليهودي الجديد وهويته المتعيِّنة غربية علمانية استهلاكية. ومما ييسر الأمر بالنسبة إلى اليهود الجدد أنه لا يوجد أي تعارض أو تناقض بين مصالح بلادهم ومصالح إسرائيل التي تمثل هذه المصالح في الشرق الأوسط. فتأييدهم للمُستوطَن الصهيوني لا يختلف في أساسياته (وإن اختلف أحياناً في نبرته) عن تأييد غير اليهود للمشروع الصهيوني. وهو تأييد مؤسِّسي عام تشترك فيه الحكومات الغربية والمؤسسات الإعلامية والثقافية. وحين يُشارك اليهودي الجديد في هذا لا يعدو أن يكون صوتاً في جوقة، يسبح مع التيار لا ضده. ويمكن الزعم بأن تأييد يهود أمريكا لإسرائيل ينبع أساساً من أمريكيتهم، أي من انتمائهم الأمريكي وليس من خصوصيتهم اليهودية.