ورغم العداء الشرس من قبل هؤلاء المثقفين اليهود غير اليهود لليهود واليهودية، ظلت الجماهير الشعبية تصنفهم على أنهم «يهود» ، حتى أن الثورة البلشفية كانت تُدعَى «الثورة اليهودية» . ويعود هذا إلى أن أعداد هؤلاء اليهود غير اليهود في صفوف الحركات الثورية والاشتراكية، بل وفى قياداتها، كان أمرا ملحوظًا. ولكن هناك بُعداً خاصاً للقضية في شرق أوربا (حيث كانت تُوجَد غالبية اليهود وحيث استولت الأحزاب الشيوعية على نُظُم الحكم) . فأعضاء الجماعات اليهودية كانوا يلعبون دور الجماعة الوظيفية في مجتمعاتهم التقليدية، وكانوا أداة قمع في يد الطبقة الحاكمة (فكانوا جامعي الضرائب وكانوا وكلاءهم الماليين والتجاريين) . ووجود اليهود غير اليهود الملحوظ في الأحزاب الشيوعية في شرق أوربا، خصوصاً في النظم الستالينية، جعل الناس يدركون مرة أخرى أنهم جماعة وظيفية يهودية جديدة تلعب مرة أخرى دور العميل لحساب القوة الشيوعية الروسية أو المحلية التي تقوم بابتزازهم. ورغم أن هؤلاء المفكرين والمواطنين الثوريين من اليهود غير اليهود لم يميِّزوا بين اليهود وغير اليهود، وكانوا أداة أمينة في يد نظمهم الحاكمة في عملية القمع، إلا أن العقل الشعبي لا يميل إلى التمييز بين الظلال المختلفة بل يميل إلى إدراك الواقع من خلال نماذج مختزلة له، خصوصاً أن هناك تراثاً تاريخياً يدعم هذا النموذج. ولذلك، فهناك مفارقة تستحق التأمل وهي أنه رغم اختفاء اليهود من هذه البلاد، إلا أن شعوبها لا تزال تمارس عداءً حقيقياً لليهود.