للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكل هذه الأسباب، تَناقص تعداد اليهود وتناقص معدل الإنجاب بينهم. وقد بدأ هذا الاتجاه في منتصف القرن التاسع عشر بين يهود غرب أوربا الذين كانوا يشكلون أقلية، ثم انتقل إلى وسطها وشرقها مع نهاية القرن، وتَزايُد معدل التناقص واستمر حتى الوقت الحالي حيث وصل إلى معدلات عالية للغاية. أما في الجيب البولندي، حيث المناطق التي تَركَّز فيها معظم يهود العالم وحكمت روسيا معظمها وحكمت النمسا جزءاً آخر منها وحكمت ألمانيا الجزء الثالث، وهو الجيب الذي كان مركزاً ليهود اليديشية وكان يسميه هتلر «البنية التحتية البيولوجية للشعب اليهودي» ، فقد تناقصت نسبة المواليد بشكل مذهل. ففي منتصف القرن التاسع عشر، كان أعضاء الجماعة في روسيا القيصرية يتمتعون بواحدة من أعلى نسب الخصوبة والتكاثر بين شعوب الإمبراطورية، ولكن مع عام ١٩٢٦ انخفضت النسبة إلى أقل النسب على الإطلاق إذ بلغت ٢٤.٨ في الألف بعد أن كانت ٣٥.٩. وقد ظلت نسبة التكاثر عالية بين الروس إذ وصلت ٤٣.٦٥ في الألف بفارق قدره ١٩.٥٧٥ في الألف بين شعوب الدولة السوفيتية وأعضاء الجماعة. ويُلاحَظ أنه رغم وجود جماعات يهودية أخرى في الاتحاد السوفيتي، من بينها اليهود الجورجيون ويهود القوقاز وغيرهم ممن لم يمروا بالظروف نفسها التي مرَّ بها يهود اليديشية، فإن هذه الجماعات كانت صغيرة وربما لا تتجاوز ٥%، ومن ثم فإنها لم تؤثر بتاتاً في الصورة العامة. وفي بولندا، نجد الاتجاه نفسه. فقد انخفضت نسبة المواليد في وارسو من ٢٨.٦ في الألف عام ١٩٠٠ إلى ١٢.٣ في الألف عام ١٩٢٥. وفي لودز، انخفضت نسبة المواليد بين اليهود خلال سبعة أعوام إلى ١١.٦ في الألف. وفي جاليشيا، كانت الإحصاءات مثيرة، فبعد أن كانت نسبة المواليد بينهم من أعلى النسب في أوربا مع بداية القرن الحالي إذ وصلت إلى ٣٨.١٦ في الألف (ولذا كان يهود النمسا يسمونها «فاجينا جودايوروم» أي «فَرْج اليهود» ) ، انخفضت النسبة فيها إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>