للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قام المجتمع الغربي بحوسلة اليهود داخله تماماً على هيئة جماعة وظيفية مالية حتى ارتبط اسم اليهود بدور المرابي والتاجر الطفيلي والذي اضطلع به اليهود وحدهم تقريباً. وقد أصبحت كلمة «تاجر» أو كلمة «مرابي» مرادفة لكلمة «يهودي» ، وأصبح يُطلَق على هذه الوظائف اسم «الوظائف اليهودية» حتى أن الصينيون حينما يضطلعون بدور التاجر والمرابي في جنوب شرق آسيا يُطلَق عليهم «يهود جنوب شرق آسيا» ، وحينما يضطلع الهنود بنفس الدور في أفريقيا (ومن بينهم مسلمون) يُسمون «يهود أفريقيا» ، فكأن هناك مفهوماً كامناً لفكرة «اليهودي الوظيفي» أي الإنسان الوظيفي الذي يضطلع بالوظائف التي يُقال لها يهودية، وكل من يضطلع بها يصبح يهودياً (بالمعنى الوظيفي) .

ومع هذا، ينبغي الإشارة إلى أن هناك جماعات من اليونانيين والأرمن كانت تقوم بهذه الوظائف في بعض الدول الغربية (في بولندا وفي بعض دول أوربا الشرقية الأخرى) . كما أنهم لعبوا نفس الدور في الدولة العثمانية. ولذا، كانت تُطلَق كلمة «يوناني» أو «أرمني» على كل من يعمل في هذه الوظائف، سواء كان يونانياً أو أرمنياً أو لم يكن.

ويبدو أن نموذج اليهود كجماعة وظيفية مُتجذِّر تماماً في الوجدان الغربي، ولذا حينما طُرحت المسألة اليهودية في أوربا في أواخر القرن التاسع عشر كان الحل هو تأسيس الدولة الصهيونية الوظيفية، وهو إعادة إنتاج الجماعات اليهودية على هيئة دولة وظيفية بدلاً من جماعات وظيفية، كما أن النظام العالمي الجديد، وهو ثمرة من ثمرات الحضارة الغربية، يميل إلى تحويل كل البشر إلى عناصر وظيفية.

علاقة الجماعات اليهودية بالصناعة

Relationship between Jewish Communities and Industry

<<  <  ج: ص:  >  >>