للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حينما كان ينتقل من مدينة ألمانية إلى أخرى، تساوي ما كان يُدفَع لانتقال ثور) . وقد نُوقشت المسألة اليهودية في الحضارة الغربية في إطار مدى نفع اليهود، وهو مفهوم استمر حتى الوقت الحاضر، ويتجلى في الحديث عن إسرائيل باعتبارها كنزاً إستراتيجياً! ويجب ملاحظة أن العلاقة بين الطرفين (الجماعات اليهودية والعالم الغربي) علاقة نفعية، فكلاهما يحاول الاستفادة قدر المستطاع من الطرف الآخر، وكلاهما يحوسل الآخر، ولا يمكن الحديث في مثل هذه العلاقة المركبة عن مُستغل ومُستغَل.

٢ ـ العزلة والغربة والعجز:

حينما استجلب المجتمع الغربي بعض أعضاء الجماعات اليهودية ليضطلعوا بدور الجماعة الوظيفية ضرب عليهم العزلة، فكان أعضاء الجماعة اليهودية يعيشون في جيتو خاص بهم يرتدون أزياء خاصة مقصورة عليهم ويؤمنون بعقيدة مختلفة عن عقيدة مجتمع الأغلبية. بل كانوا، في حالة يهود اليديشية، يتحدثون لغة مختلفة عن لغة المجتمع المضيف. وقد انغلقت الجماعات اليهودية على نفسها فكونت شبكة عالمية واسعة مهمتها ضمان انتقال السلع والعملات والمعلومات بكفاءة عبر البلاد والقارات، وهذا هو سبب معرفة أعضاء الجماعة اليهودية بعديد من اللغات، وهو تعبير عن الغربة والحركية في ذات الوقت. وقد سيطرت القيادات الدينية والدنيوية، التي كانت تتمتع بدعم النخبة الحاكمة، على هذه الشبكة المغلقة التي كانت بمثابة الوسيط بين الجماعة اليهودية والمجتمع المضيف. كما تزايد اعتماد أعضاء الجماعات اليهودية على النخبة الحاكمة حتى أصبحوا في بعض الأحيان جماعات وظيفية عميلة، كما هو الحال مع المرابين، وأداة قمع في يد الحاكم لقمع الجماهير واستغلالهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>