وقد أدَّت هذه العزلة إلى ما نسميه «حدودية» أعضاء الجماعات اليهودية، أي وجودهم على حدود المجتمعات أو على هامشها، وفي الشقوق والثغرات. ولعل إحساس أعضاء الجماعات اليهودية بعدم الأمن (رغم النجاح الذي يحققونه) هو جزء من ميراث الجماعة الوظيفية، التي تُعَدُّ حركيتها مصدر أمن أساسياً لها. وقد أدَّى إحساسهم بعدم الأمن وعدم الانتماء إلى زيادة الرغبة في مراكمة الثروة لأنها الوسيلة الوحيدة لشراء الحماية من الحاكم. ولكن يُلاحَظ أنه رغم تزايد ثروات كثير من أعضاء الجماعات اليهودية إلا أنهم ظلوا بعيدين عن السلطة وعن مؤسسات صنع القرار. ولهذا السبب كانت هذه الثروات معرضة دائماً للتصفية.
ويُقابل عملية العزل البرانية من قبل المجتمع إحساس عميق جواني بالغربة لدى أعضاء الجماعة الوظيفية اليهودية، فيظهر لديهم إحساس بقداستهم (مركب الشعب المختار) . ثم يحتفظون بهذه الغربة من خلال عقائدهم وشعائرهم الدينية ومن خلال ارتباطهم الوهمي بالوطن الأصلي الذي لم يَعُد له وجود والذي سيعودون إليه في نهاية التاريخ.
٣ ـ الانفصال عن المكان والزمان والإحساس بالهوية (الوهمية (
يشعر أعضاء الجماعة الوظيفية اليهودية بالانتماء إلى وطن أصلي (صهيون/فلسطين) سيعودون إليه في آخر الأيام. وقد ترجم هذا نفسه إلى العقيدة المشيحانية التي أضعفت أواصر ارتباط أعضاء الجماعة الوظيفية اليهودية بالمكان الحالي (أوطانهم وتاريخها) باسم المكان السابق الذي نُفوا منه، وهو أيضاً المكان الذي سيعودون إليه في المستقبل.