للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب) أما الباحث الذي يدرس الظاهرة الإنسانية فلا يمكنه إلا أن يستجيب بعواطفه وكيانه وتحيزاته، ومن خلال قيمه الأخلاقية ومنظوماته الجمالية والرمزية، ولذا يَصعُب عليه التجرد من أهوائه ومصالحه وقيمه التي تعوقه في كثير من الأحيان عن الوصول إلى الموضوعية الصارمة.

ولكل ما تقدَّم، فإن من الممكن إجراء التجارب المباشرة المنضبطة المتكررة على العناصر الطبيعية ويمكن قياسها بمقاييس كمية رياضية فهي تخلو من الاستثناءات والتركيب والخصوصيات، ويمكن التَوصُّل إلى قوانين عامة تتسم بالدقة تنطبق على الظاهرة في كليتها وفي جوانيتها وبرانيتها. أما الظاهرة الإنسانية، فلا يمكن إجراء التجارب المباشرة المنضبطة عليها ويستحيل تصويرها بالمعادلات الرياضية الدقيقة إذ لا تخلو من الاستثناءات والتركيب والخصوصيات، ولذا لا يمكن التَوصُّل إلى قوانين عامة (وإن تم التوصل إلى قوانين فلابد أنه تعوزها الدقة والضبط) . وهناك عدد كبير من الكُتَّاب الغربيين من أوائلهم فيكو ومن أهمهم كانط وديلتاي وريكرت ينطلقون من محاولة التمييز بين الإنسان والطبيعة. ولكن غالبية المفكرين الغربيين يدورون في إطار الواحدية المادية (أو الواحدية المثالية) ويحاولون القضاء على هذه الثنائية تماماً وإلغاء الحيز الإنساني وبالتالي يدافعون عن وحدة (أو واحدية) العلوم.

إشكالية الإنسانى والطبيعى في العالم العربى

<<  <  ج: ص:  >  >>