وفي عام ١٤٣٢، أعلن دوق ورتمبرج، كنوع من إغراء اليهود، أنه منحهم حقوقهم المدنية، ولكنه سحبها منهم بعد وصولهم. وكانت بعض المدن تشتري اليهود المقيمين فيها من الإمبراطور حتى يمكنها طردهم والتخلص من منافستهم. وكان من حق الملك أن يتصرف بشكل مطلق في أملاك اليهود، فكان أحياناً يهدى كل ممتلكاتهم إلى أحد أصدقائه دون أن يكلف نفسه عناء إخبارهم. وكان التصرف في ملكية اليهود الذين يموتون أو يُقتَلون أمراً سهلاً للغاية، ففي عام ١٣٤٩ أهدى الإمبراطور تشارلز الخامس أسقف تريير كل بضائع يهود الألزاس واللورين «ممن قُتلوا وممن سيُقتَلون» ، وقدَّم إلى آخر «أحسن ثلاثة بيوت يختارها عند وقوع المذبحة التالية ضد اليهود» .
وكانت حماية الإمبراطور لليهود تمتد لتشمل حرية الحركة وإعفاءهم من كل القيود التي كانت تعوق التنقل والتجارة، كما كانت تشمل مزايا ضخمة تضعهم في مرتبة أعلى من كل طبقات المجتمع المسيحي في العصور الوسطى ربما باستثناء النبلاء، وكانت هناك حالات يتساوى فيها اليهود مع كبار النبلاء.
وحتى لا يتوهم القارئ أن هذا وضع فريد أو شاذ ومقصور على اليهود، يجب أن نشير إلى أن هذه الظاهرة تتكرر في كثير من المجتمعات البشرية القديمة والحديثة. فالمماليك والخصيان كانوا ملكية خاصة إما للدولة أو للسلطان. وفي نظام الأقنان، كانت الأرض ومن عليها ملكية للإقطاعي وتؤول لورثته. بل إن ثمة وضعاً مماثلاً في الدولة الصهيونية، فالجندي الإسرائيلي الذي يحاول الانتحار ويفشل يُحاكم بتهمة إتلاف ممتلكات الدولة إذ أن الجندي يُعتبَر ملكية للدولة.