للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أدَّت الحماية والمزايا إلى تحويل اليهود إلى جماعة وظيفية مالية نشطة تساعد في تحويل الثروة الطبيعية للدولة إلى نقود. كما أصبحوا وسيلة لزيادة دخل الأفراد وريع الدولة، فاليهود، بوصفهم أقنان بلاط، كانوا خاضعين تماماً للملك أو لمن يمتلكهم، إذ كان يفرض عليهم ما يشاء من ضرائب. وفي العادة، كانت تُفرَض عليهم ضرائب أعلى من تلك التي كانت تُفرَض على التجار المسيحيين. وكان شارلمان يأخذ عُشر أرباح التجار اليهود في حين أنه لم يكن يحصل إلا على جزء واحد من بين كل أحد عشر جزءاً من أرباح التجار المسيحيين. وكان اليهود يشترون المواثيق والمزايا من الملك فتتحقق له الأرباح بهذه الطريقة. كما أن رأس مالهم ذاته كان ملْكاً للملك، وهو الذي كان يحدد سعر فائدة القرض. وكان الملك يصرح لهم أحياناً بفائدة أعلى مما هو مصرح به للمرابي المسيحي، وذلك لأن ثروة اليهود كانت دائماً تصب، في نهاية الأمر، في الخزانة الملكية. وبعبارة أخرى، كان اليهود مجرد أداة في يد الحاكم يمكنه عن طريقها استغلال سائر طبقات المجتمع. فكان اليهودي يمتص الثروات والأموال من المجتمع، ثم يقوم الملك بعد ذلك باعتصاره عن طريق الضرائب الباهظة وبيع المواثيق والمزايا له. ومن هنا تشبيه أعضاء الجماعات اليهودية بـ «الإسفنجة» التي تمتص الماء ثم تفقده بالضغط عليها. واليهودي، بهذا المعنى، مملوك تستخدمه السلطة لقمع الجماهير. وأداة الاستغلال التي يستخدمها المملوك، كفرد في جماعة وظيفية قتالية، هي سيفه. أما أداة الاستغلال التي يستخدمها اليهودي، فهي رأس المال الربوي. وإذا كان المملوك المقاتل يُريق دم أعدائه بسيفه حتى تستمر السلطة في الاستيلاء على الثروات والأموال، فإن اليهودي يمتص المال والثروات مباشرةً من رأس المال، ومن هنا تأتي إشارتنا لليهود بمصطلح «المماليك التجارية» .

<<  <  ج: ص:  >  >>