للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تزامنت هذه العملية مع تطوُّر فكري آخر وهو ظهور عقيدة التحوُّل (بالإنجليزية: ترانسبستانشيشن transubstantiation) ، أي الإيمان بتحول القربان (أي الخبز والخمر المقدَّسين) إلى لحم ودم المسيح. وأصبح التناول طقساً دينياً تحيطه هالة من الأساطير. وقد ساهمت هذه الطقوس في ظهور تهمة الدم، وتهمة تدنيس خبز القربان، وهي أساطير ساعد على انتشارها احتراف اليهود الربا وامتصاصهم (المجازي) لدم الآخرين، خصوصاً وأن العمليات التجارية والمالية كانت تؤدي إلى تزايد الثروة دون بذل الجهود (على عكس الفلاح الذي كان يبذل جهداً بدنياً ملحوظاً) . وبالتالي، كانت هذه العمليات التجارية والمالية يُنظَر إليها كعمليات سحرية من قبَل ضحايا أعمال الربا ومن قبَل أعضاء المجتمع الزراعي الذين يكدحون ساعات طويلة ليحصلوا على قوت يومهم. وفي هذه الفترة، أصدرت المجامع اللاترانية مجموعة من القرارات أدَّت إلى ازدياد عزلة اليهود مثل تحريم الاشتغال بالربا على المسيحيين، وضرورة أن يرتدي اليهود شارة مميِّزة. وبدأت تظهر، في هذه الفترة، صورة سلبية عن اليهود، وهي في أغلبها أنماط إدراكية عنصرية تتواتر في معظم المجتمعات وترددها كل جماعة بشرية عن الآخرين؛ فاليهود يشبهون الشيطان أو لهم رائحة مميزة هي ما يُسمَّى «رائحة اليهود» (باللاتينية: الفويتورجودايكوس foetor judaicus) وهي خلاف رائحة القداسة. ومع القرن الثالث عشر، حيث كانت قد ظهرت بيوتات المال الإيطالية التي كانت أكثر كفاءة في الاضطلاع بمهنة التجارة الدولية، بدأت ظاهرة طَرْد اليهود من إنجلترا وفرنسا وغيرهما من البلاد، كما بدأت تظهر صورة اليهودي التائه. وفي القرن الرابع عشر، بدأ اتهام اليهود بأنهم يسمِّمون الآبار. وكانت العروض المسرحية المسماة «آلام المسيح» (التي كانت تستغرق عدة أيام، وكانت من أكثر الأشكال الفنية الشعبية شيوعاً) تؤكد قسوة اليهود على المسيح وخيانتهم له، الأمر الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>