كانت كلها تقف إلى جانب أعضاء الجماعات اليهودية لا ضدهم. وكانت هذه النخبة تحمي أعضاء الجماعات بسبب نفعهم لها، وترى الهجوم عليهم إخلالاً بهيبة النظام وتعويقاً لمساره. وكانت المواثيق التي يحصل عليها أعضاء الجماعات اليهودية تزيد بطبيعة الحال من حدة الغضب الشعبي، ومن ثم فيمكن النظر إلى الهجوم على اليهود باعتباره ضرباً من الثورات الشعبية. ولهذا نجد أن أعداء اليهود يأتون أساساً من الشريحة الدنيا من رجال الدين، وصغار التجار في المدن، والحرفيين. ولكن وصفنا لهذه الهجمات بأنها «ثورة شعبية» لا يخلع عليها صفة إيجابية. ونحن لا نرى أنها عمل مقبول أو شرعي، وإنما نقول إن هذه الهجمات تحركها جماهير تتصور أن اليهودي هو المستغل الحقيقي. وقد ظل أعضاء الجماعات اليهودية في الغرب في هذا الوضع حتى حروب الفرنجة في القرن الثاني عشر، حيث بدأت الحياة الاقتصادية في أوربا في الانتعاش وظهرت قوى مسيحية محلية قادرة على أن تحل محل اليهود كتجار دوليين ومحليين، فاتجه اليهود إلى الاتجار بالربا، وتحولوا بالتالي من جماعات وسيطة إلى جماعات وسيطة عميلة، وزادت غربتهم في المجتمعات التي وجدوا فيها.