للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ ـ تكتسب الدولة القومية شرعيتها من التاريخ المشترك والثقافة المشتركة. ويستند النقد الاجتماعي العلماني (للمجتمع الإقطاعي والديني) إلى هذين العنصرين، ومن ثم يتحدد الانتماء أو عدم الانتماء بمقدار مشاركة المواطن في هذا التاريخ والثقافة. وقد كانت الجماعات اليهودية عادةً ذات هوية مستقلة نوعاً عن محيطها الثقافي، الأمر الذي كان يجعلها تقع معنوياً خارج دائرة العقد الاجتماعي مع أنها كانت فعلياً داخل دائرة المجتمع، وهو ما ولَّد كثيراً من العداء تجاه أعضاء الجماعات اليهودية.

٣ ـ تعثُّر التحديث في وسط أوربا وشرقها في نهاية القرن التاسع عشر.

٤ ـ وجود أغلبية يهود العالم في أوربا الشرقية (يهود اليديشية) في بلاد لم تَسُد فيها المُثُل القومية الليبرالية، وفي مناطق حدودية مُتنازَع عليها، وفي روسيا (البلد الذي كانت تحكمه بيروقراطية متخلفة لا تفهم وضع اليهود) .

٥ ـ ارتباط اليهود بالحركات الثورية العلمانية اليمينية واليسارية. فقد كان اليهود رمزاً واضحاً للمجتمع الصناعي الرأسمالي الجديد، وبالتالي أصبحوا هدفاً للجماهير التي اقتلعها الاقتصاد الجديد وألقى بها في المدن والمصانع للعمل تحت ظروف غير إنسانية. ومن ثم أصبح اليهودي بالنسبة إلى البورجوازيات الصغيرة الضعيفة، في كلٍّ من ألمانيا وبولندا وروسيا، هو العائق الأساسي الذي يقف حجر عثرة في طريق نموها الاقتصادي لأنه غريم قوي. كما كان الجميع يرون في اليهودي يسارياً ثورياً يهدد المجتمع من أساسه. ويبدو أن عدداً كبيراً من أعضاء الجماعات اليهودية انضموا للأحزاب الشيوعية الحاكمة في روسيا وشرق أوربا، واشتركوا في عمليات قمع المعارضة التي قامت بها الأحزاب الشيوعية الحاكمة، فارتبط أعضاء الجماعات اليهودية في الذهن الشعبي بهذه النظم. ورغم عدم وجود يهود في كثير من بلاد أوربا الشرقية، إلا أن العداء لليهود لا يزال مستمراً بسبب العداء الراسخ للشيوعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>