وبعد الثورة البلشفية في الاتحاد السوفيتي، تغيرت بنية المجتمع ومؤسساته وتوجيهاته. وواجه أعضاء الجماعات اليهودية شيئاً من التمييز العنصري، ولكن هذا لم يكن نابعاً من سياسة الدولة التي كانت تُجرِّم معاداة اليهود، وإنما كان أمراً عادياً يسم علاقة الأقلية بالأغلبية. ولعل أكبر دليل على تَراجُع معاداة اليهود تَزايُد معدلات الاندماج والزواج المختلط.
ومع هجرة يهود اليديشية وحرب البوير (١٨٩٩) التي وقف ضدها كثير من قطاعات الرأي العام في إنجلترا، شهدت إنجلترا موجة من العداء لليهود، وقيل إن المصالح المالية اليهودية كانت وراء دخول إنجلترا هذه الحرب. وقد ازداد الحديث عن الخطر اليهودي بشكل مبالغ فيه، وصدرت قوانين الغرباء عامي ١٩٠٢ و١٩٠٥ لمنع دخول الأجانب، أي اليهود.
أما في الولايات المتحدة والدول الاستيطانية الأخرى، مثل: جنوب أفريقيا وكندا وأمريكا اللاتينية، فلم يجابه اليهود أية معاداة إلا في جنوب أفريقيا وأمريكا اللاتينية، بخاصة في الثلاثينيات، ولكنها تلاشت بمرور الوقت وبتناقص عدد أعضاء الجماعة.
ويمكننا تقسيم بلاد العالم الغربي، من منظور معادة اليهود، إلى أربعة أقسام:
١ ـ بلاد التحديث الحر، مثل: إنجلترا، وهولندا، وبلجيكا، وفرنسا (إلى حدٍّ ما) . وكلها بلاد لها مستعمرات يُصدَّر لها الفائض البشري والتوترات الاجتماعية، وفيها طبقة رأسمالية قوية وحكومات ليبرالية منتخبة. وتتسم الجماعات اليهودية فيها بقلة عدد أعضائها. وهذه البلاد لا توجد فيها ظاهرة معاداة اليهود بشكل حاد أو مستمر.