٢ ـ بلاد التحديث الشمولي (تحت رعاية الدولة) - ألمانيا أساساً ـ وهي بلد ليس لها مستعمرات، إذ أُجهضت تجربتها الاستعمارية وتحالفت الطبقة الرأسمالية فيها مع الطبقات الإقطاعية لتضمن لنفسها النجاح. وبرغم قلة أعضاء الجماعات اليهودية، فقد كان لهم بروز واضح في المجالات الاقتصادية والثقافية والإعلامية. وقد ظهر فيها العداء لليهود بشكل واضح.
٣ـ بلاد التحديث المتعثر، مثل: روسيا وبولندا وبعض بلاد وسط أوربا. وهي بلاد لم يكن لها مستعمرات، ولم يكن اقتصادها متقدماً، وكان القطاع الرأسمالي فيها ضعيفاً، كما كانت هذه البلاد تتسم بأنها تضم جماعات يهودية كبيرة. وقد تعثَّر التحديث في هذه البلاد، وتفشت فيها ظاهرة عداء اليهود. ومع استئناف التحديث على النمط الاشتراكي، اختفت الظاهرة أو ضَمُرت، واتجهت المؤسسات نحو دمج أعضاء الجماعات اليهودية. وكانت الدعاية الصهيونية تتهم الاتحاد السوفيتي بمعاداة اليهود المتمثلة في محاولة دمج اليهود، بل وأُطلق على ذلك «هولوكوست الاندماج» . ولكن معاداة اليهود تبدو دائماً في شكل النظر إلى اليهود باعتبارهم عنصراً غريباً لا يمكن دمجه، وبالتالي لابد من طرده أو على الأقل تشجيعه على الهجرة. أما في الاتحاد السوفيتي، فقد كان الوضع على عكس ذلك تماماً، إذ حاول المجتمع دمجهم فيه بينما كانت القوى الصهيونية هي التي تحاول إخراجهم منه. وإذا كانت أعداد كبيرة من أعضاء الجماعات اليهودية قد تلاشت أو انصهرت، فإن هذا يرجع إلى آليات اجتماعية وبنيوية مركبة.