٤ ـ المجتمعات الاستيطانية، مثل: الولايات المتحدة، وكندا، وأستراليا، وجنوب أفريقيا. وهذه مجتمعات لم يعرف معظمها ظاهرة العداء لليهود، ربما باستثناء أمريكا اللاتينية وجنوب أفريقيا. وقد استقر اليهود في هذه البلاد وواجهوا المصاعب التي تواجهها أية جماعة مهاجرة. ومن الطريف أنه برغم وجود عداء لليهود في صفوف الحزب الحاكم في جنوب أفريقيا، فإن الحكومة لم تلجأ قط إلى تشجيع اليهود على الهجرة، كما يفعل المعادون لليهود عادةً، وذلك لأن مجتمع جنوب أفريقيا مجتمع استيطاني في حاجة ماسة إلى العنصر البشري الأبيض. ومن ثم، تُعَدُّ الهجرة إلى إسرائيل أو إلى أي بلد آخر «خيانة وطنية» .
ويُثير ظهور الدياسبورا الإسرائيلية في الولايات المتحدة قضية مهمة تتصل بالعداء الموجه إليهم من قبل المنظمات الصهيونية التي ترفض مد يد المساعدة لهم في عملية الهجرة والاستقرار هناك. والشيء نفسه ينطبق على المتساقطين، وهم المهاجرون الروس الذين كانوا يهاجرون من الاتحاد السوفيتي بحجة الذهاب إلى إسرائيل، ثم يتجهون إلى الولايات المتحدة بدلاً من ذلك. فهل يُعتبَر العداء لمثل هؤلاء وعدم مساعدتهم على الهجرة والاستيطان أينما شاءوا، بل وإغلاق أبواب الهجرة إلى ألمانيا والولايات المتحدة أمامهم، ضرباً من معاداة اليهود؟!
أما في العالم العربي الإسلامي، فقد تناقص عدد اليهود بشكل ملحوظ، كما أن أغلبيتهم العظمى حصلت على جنسيات أجنبية في فترة الهيمنة الاستعمارية، حتى يتسنى لهم التمتع بالمزايا التي تمنحها القوانين المختلطة للأجانب. ومع ظهور الحركة الصهيونية، تشابك مصير من تبقَّى من أعضاء الجماعات اليهودية في العالم العربي مع الدولة الصهيونية، وانتهى الأمر بتصفية كل هذه الجماعات تقريباً باستثناء المغرب الذي بقيت فيه أقلية صغيرة.