ومن الملاحَظ أن معظم كتب معاداة اليهود (وأكثرها حدة) ألمانية. ولعل هذا يعود إلى مجاورة ألمانيا للجيب البولندي، وإلى وجود عنصر يهودي قوي في عالم الاقتصاد الألماني، وإلى دخول ألمانيا إلى الساحة الإمبريالية متأخرة من الناحية الزمنية، الأمر الذي أثر في مساحة الرقعة الجغرافية التي استعمرتها. ومن هنا، اضطرت ألمانيا إلى أن تنفث سمها العنصري في أوربا (ضد اليهود والسلاف) لا خارجها (ضد الأفارقة والآسيويين والمسلمين) . ومع هذا، فليس بإمكاننا إنكار أن معاداة اليهود ظاهرة غربية تشمل شتى دول العالم الغربي، شأنها في هذا شأن الصهيونية. ولهذا، لم تقتصر كُتب معاداة اليهود على ألمانيا. وقد أشرنا من قبل إلى جوبينو الفرنسي، ويمكن أن نشير الآن إلى إدوار أدولف درومون (١٨٤٤ ـ ١٩١٧) ، وهو أيضاً فرنسي، وقد ضمن أفكاره كتاب فرنسا اليهودية (١٨٨٦) الذي طُبع أكثر من مائة طبعة، وكان من أكثر الكتب الأوربية رواجاً ومبيعاً في القرن التاسع عشر. وقد ألف درومون كتباً أخرى تتضمن الأفكار نفسها والرؤية نفسها.