ومن الشخصيات التي ساهمت في إشاعة هذه الأفكار المعادية لليهود على أساس عرْقي، المؤرخ والسياسي الألماني هنريش فون ترايتشكه (١٨٣٤ ـ ١٨٩٦) الذي كان يُعَدُّ من أهم المفكرين الألمان في عصره، وهو ما أكسب هذه الأفكار قدراً كبيراً من المصداقية والاحترام. وصف ترايتشكه الهجوم على اليهود بأنه هجوم وحشي، ولكنه رد فعل طبيعي للمشاعر القومية الألمانية ضد عنصر غريب (الشعب العضوي في مواجهة الشعب العضوي المنبوذ) ، ثم طرح الشعار المشهور «اليهود مصيبتنا» . وحذر الألمان من التدفق اليهودي من الخزان البولندي (إشارة إلى الانفجار السكاني بين يهود بولندا) ، وهو تدفُّق لا ينضب، «جمع من الشباب الطموحين بائعي الملابس القديمة الذين سيسيطر أطفالهم وأطفال أطفالهم يوماً ما على سوق الأوراق المالية والصحف في ألمانيا» . وقد تبدَّى هذا الرفض لليهود في شكل تعاطُف مع المشروع الصهيوني.
ومن الشخصيات الأخرى التي أشاعت الفكر العرْقي المعادي لليهود هيوستون ستيوارت تشامبرلين (١٨٥٥ ـ ١٩٢٧) ، وهو بريطاني المولد فرنسي النشأة ألماني بالاختيار، فقد كان معجباً بالثقافة الألمانية إعجاباً عميقاً. وقد تصادق مع فاجنر وتزوج ابنته، وتأثر بأفكار جوبينو ولاجارد، وألَّف أهم كتب العنصرية الغربية أسس القرن التاسع عشر (١٨٩٩) . وقد آمن تشامبرلين بتفوُّق الإنسان النوردي الأشقر، وبأن قدر التيوتونيين هو قيادة الإنسانية جمعاء، فكل ما هو عظيم في العالم من إبداعهم. وأكد تشامبرلين أن اختلاط الأجناس هو سبب التخلف. واليهود، بحسب رأي تشامبرلين، يشكلون عرْقاً هجيناً متحركاً هامشياً طفيلياً لاجذور له. وهم غير قادرين على الإبداع، ولا يوجد لديهم إحساس ديني، بل إن وجودهم ذاته جريمة ضد الإنسانية. وذهب تشامبرلين إلى أن الشخصيات المهمة في بدايات التاريخ اليهودي، مثل داود والأنبياء والمسيح، من أصل ألماني! وتنبأ بالمواجهة الحتمية بين الساميين والآريين.