للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجدير بالملاحظة أن المدن في العصور الوسطى كانت صغيرة للغاية وأن عدد أعضاء الجماعات اليهودية في كل مدينة كان صغيراً ولا يُُعتد به من الناحية الإحصائية. إذ كان عدد يهود إنجلترا لا يزيد، حسب إحدى الروايات، على أربعة آلاف. وكانت أية جماعة يهودية لا تزيد على ألفين، وكانت الجماعة اليهودية تُعدُّ كبيرة إن زاد عدد أعضائها على بضع مئات. ومن هنا، فإن الحديث عن الطرد هو حديث عن طرد بضع مئات من التجار الغرباء. وكان الاستثناء الوحيد من القاعدة هو طرد اليهود من شبه الجزيرة الأيبيرية، حيث بلغ عددهم مائة وخمسين أو مائة وعشرين ألفاً، وقد طُردوا مع مئات الألوف (ويُقال أكثر من مليونين) من المسلمين الذين رفضوا التنصر وفاقت أعدادهم أعداد اليهود. ويُلاحَظ أن اليهود كانوا، في كثير من الأحيان، يُطردون أو يفرون لبضعة أشهر ثم يعودون إلى مواقعهم مرة أخرى. ولابد من الإشارة إلى أن اليهود لم يكونوا الجماعة الوحيدة التي يتم طردها، فقد كان يتم طرد مختلف أعضاء الجماعة الوظيفية الوسيطة الأخرى، مثل اللومبارد والكوهارسين. وأحياناً، كان يتم طرد إحدى الجماعات لتحل محلها جماعة أخرى تقدم شروطاً ائتمانية أفضل، فهذه الجماعات لم يكن يُنظَر إلى أعضائها باعتبارهم بشراً وإنما كان يُنظَر إليهم كأدوات إنتاج يمكن أن تحل الواحدة محل الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>