للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والباحث المدقق سيكتشف أن الرؤية الاختزالية التآمرية لليهود لا تختلف في أساسياتها مطلقاً عن الرؤية الاختزالية الصهيونية لليهود. فكلا الفريقين يرى اليهود من خلال رؤية واحدية اختزالية ساذجة، تقوم بتبسيط دوافعهم ووجودهم في التاريخ إذ أنها تسقط عنهم زمنيتهم وتركيبيتهم وإنسانيتهم. فبدلاً من رؤية أعضاء الجماعات اليهودية كجزء من تواريخ بلادهم وحضاراتهم، فإنها تنظر إليهم باعتبارهم كياناً واحداً متماسكاً فريداً يتحرك داخل تاريخه اليهودي الخاص بمعزل عن المجتمعات التي يعيشون فيها. وبسبب هذا الاتفاق بين الفريقين نجد أن كلاًّ من التآمريين والصهاينة يتحدثون عن «الشعب اليهودي عبر التاريخ» وعن «الشخصية اليهودي في كل العصور» وعن «العبقرية أو الجريمة اليهودية في كل زمان ومكان» وهكذا.

ويُقدِّم كلا الفريقين تصوُّراً لليهود باعتبارهم كيانات بسيطة دوافعها وغاياتها بسيطة. فأعضاء الشعب اليهودي هذا، حسب رؤية التآمريين والصهاينة، لا يشعرون بالانتماء لأوطانهم، إذ أنهم أينما وُجدوا يحنون لصهيون ويدينون لها وحدها أو لحكومتهم اليهودية بالولاء، ومن ثم فاليهودي عادةً يعاني من ازدواج الولاء ولا يشعر بالاستقرار في وطنه، ونتيجةً لهذا يصبح شخصية مريضة لا تخضع للقوانين الإنسانية العامة، يقاوم الاندماج في الأغيار ويقع ضحية فريدة لعنفهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>