للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخلاف بين التآمريين والصهاينة لا يوجد في التشخيص أو في الوصف أو في المنطلقات أو المسلمات ولا حتى في الحل وإنما في آليات الحل وحسب، أي أن الاختلاف بينهم اختلاف إجرائي بسيط وليس كلياً وشاملاً، فكلا الفريقين يطرح حلاًّ بسيطاً لمشكلة الكيان اليهودي المتماسك الفريد الذي يرفض الاندماج، ألا وهو ضرورة «خروج» اليهود من أوطانهم. ولكن بينما يرى التآمريون وأعداء اليهود أنه لا مناص من استخدام العنف في هذه العملية (من طرد وإبادة) ،فإن الصهاينة يرون أن الحركة الصهيونية يمكنها أن تشرف على عملية الخروج هذه بطريقة منهجية منظمة، بحيث لا يوجد أي مبرر للعنف. ومع هذا، لا يستبعد الصهاينة استخدام العنف كآلية لإخراج اليهود من أوطانهم، كما حدث عام ١٩٥١،حينما ألقى عملاء إسرائيل القنابل على أماكن تجمُّع أعضاء الجماعة اليهودية في العراق حتى يضطروهم للهجرة منها إلى الدولة الصهيونية الناشئة، وكما يحدث الآن حينما تضغط الحركة الصهيونية على الولايات المتحدة لتغلق أبوابها أمام اليهود السوفييت حتى يضطروا إلى الهجرة إلى إسرائيل.

وفكرة المؤامرة أكذوبة تلائم معظم الأطراف المشتركة في الصراع الإسرائيلي، فإسرائيل تستفيد كثيراً من هذا الفكر التآمري لأنه يضفي عليها من القوة ما ليس لها، ومن الرهبة ما لا تستحق، وهو في نهاية الأمر يجعلها تكسب معارك لم تدخلها قط.

كما أن الحكومات الأمريكية المختلفة تفسر للزعماء العرب عجزها عن مساعدة الحق العربي بتعاظم النفوذ الصهيوني في الكونجرس. أما الحكومات العربية، فإنها تُفسِّر تخاذلها وهزيمتها أمام العدو الصهيوني على أساس الأسطورة المريحة نفسها. وبالتالي، يجد كل من أطراف الصراع تفسيراً يبدو معقولاً ومقبولاً لوضعه أمام نفسه وأمام جماهيره.

اليهود كشياطين

Demonization of the Jews

<<  <  ج: ص:  >  >>